الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٤٨٥٩ - عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ غَضِبَ الرَّبُّ تَعَالَى، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ» " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ــ
٤٨٥٩ - (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ) : بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا سَيِّدُ مَثَلًا (غَضِبَ الرَّبُّ تَعَالَى) أَيْ: عَلَى الْمَادِحِ (وَاهْتَزَّ لَهُ) أَيْ: لِأَجْلِ مَدْحِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِذَلِكَ (الْعَرْشُ) أَيْ: وَكَادَ أَنْ يَتَحَرَّكَ وَيَنْدَكَّ مِنْ هَيْبَةِ أَثَرِ عَظَمَةِ سُخْطِهِ سُبْحَانَهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا - أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: ٩٠ - ٩١] ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اهْتِزَازُ الْعَرْشِ عِبَارَةٌ عَنْ وُقُوعِ أَمْرٍ عَظِيمٍ وَدَاهِيَةٍ دَهْيَاءَ ; لِأَنَّ فِيهِ رِضًا بِمَا فِيهِ سُخْطُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، بَلْ يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا ; لِأَنَّهُ يَكَادُ أَنْ يُفْضِيَ إِلَى اسْتِحْلَالِ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا هُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَالشُّعَرَاءِ وَالْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ فِي زَمَانِنَا هَذَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ مَنْ مَدَحَ الْفَاسِقَ، فَكَيْفَ بِمَنْ مَدَحَ الظَّالِمَ وَرَكَنَ إِلَيْهِ رُكُونًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣] ، الْكَشَّافُ: النَّهْيُ مُتَنَاوِلٌ لِلِانْحِطَاطِ فِي هَوَاهُمْ، وَالِانْقِطَاعِ إِلَيْهِمْ وَمُصَاحَبَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ وَزِيَارَتِهِمْ وَمُدَاهَنَتِهِمْ، وَالرِّضَا بِأَعْمَالِهِمْ، وَالتَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَالتَّزَيِّي بِزِيِّهِمْ، وَمَدِّ الْعَيْنِ إِلَى زُمْرَتِهِمْ، وَذِكْرِهِمْ بِمَا فِيهِ تَعْظِيمٌ لَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute