للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٧٣ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، وَإِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تَحْرِقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَارًا فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَاهُ نَارًا ; فَإِنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ مُسْلِمٌ: " «وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، عَلَيْهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ» ".

ــ

٥٤٧٣ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ وَإِنَّ مَعَهُ مَاءً) أَيْ: وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مِنْ أَسْبَابِ النِّعَمِ، بِحَسَبِ الظَّاهِرِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْجَنَّةِ فِيمَا تَقَدَّمَ، يُرَغِّبُ إِلَيْهِ مَنْ أَطَاعَهُ، (وَنَارًا) أَيْ: مَا يَكُونُ ظَاهِرُهُ سَبَبًا لِلْعَذَابِ وَالْمَشَقَّةِ وَالْأَلَمِ ; يُخَوِّفُ بِهِ مَنْ عَصَاهُ، (" فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تَحْرِقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَارًا فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ ") أَيْ: حُلْوٌ يَكْسِرُ الْعَطَشَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ نَارَهُ مَاءً بَارِدًا عَذْبًا عَلَى مَنْ كَذَّبَهُ وَأَلْقَاهُ فِيهَا غَيْظًا، كَمَا جَعَلَ نَارَ نُمْرُوذَ بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيَجْعَلُ مَاءَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ مَنْ صَدَّقَهُ نَارًا مُحْرِقَةً دَائِمَةً، وَمُجْمَلُهُ أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فِتْنَتِهِ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةٌ، بَلْ تَخَيُّلٌ مِنْهُ وَشَعْبَذَةٌ، كَمَا يَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ وَالْمُشَعْبِذُونَ، مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْلِبُ نَارَهُ وَمَاءَهُ الْحَقِيقِيَّانِ ; فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ. (فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ ") أَيِ: الدَّجَّالَ أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَلْبِيسِهِ (مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَاهُ نَارًا ") أَيْ: فَلْيَخْتَرْ تَكْذِيبَهُ، وَلَا يُبَالِي بِإِيقَاعِهِ فِيمَا يَرَاهُ نَارًا ; (فَإِنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ ") أَيْ: فِي الْحَقِيقَةِ، أَوْ بِالْقَلْبِ، أَوْ بِحَسَبِ الْمَآلِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ، وَالْكَلَامُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ، فَالتَّقْدِيرُ: وَلَا يُصَدِّقْهُ مُغْتَرًّا بِمَا يَرَاهُ مَعَهُ مَاءً ; فَإِنَّهُ نَارٌ وَعَذَابٌ وَحِجَابٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ مُسْلِمٌ: " وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ") ، أَيْ: إِحْدَى مَوْضِعِ عَيْنَيْهِ مَمْسُوحٌ مِثْلَ جَبْهَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَثَرُ الْعَيْنِ. قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ مَمْسُوحُ إِحْدَى عَيْنَيْهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَنَظَائِرِهِ، (عَلَيْهَا ") أَيْ: عَلَى الْعَيْنِ الْأُخْرَى ; بِحَيْثُ لَا تُوَارِي الْحَدَقَةَ بِأَسْرِهَا لِتَعْمِيهَا (ظَفَرَةٌ ") : بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: لَحْمَةٌ غَلِيظَةٌ أَوْ جِلْدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ الْمَمْسُوحَةِ ظَفَرَةٌ، (مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ) كَمَا سَبَقَ، (" يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ ") : بِالْجَرِّ بَدَلًا مِنْ مُؤْمِنٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، (وَغَيْرِ كَاتِبٍ ") ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَأُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>