٥٧١٤ - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «عُرِضَ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ لَهُ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ - يَعْنِي نَفْسَهُ - وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ، فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٥٧١٤ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: عُرِضَ عَلَيَّ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُظْهِرَ لَدَيَّ (الْأَنْبِيَاءُ) : وَهُمْ أَعَمُّ مِنَ الرُّسُلِ، وَهُوَ إِمَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ، أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْمَعْنَى عُرِضَ أَرْوَاحُهُمْ مُتَشَكِّلِينَ بِصُوَرٍ كَانُوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ تَبَعًا لِشَارِحٍ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّ أَرْوَاحَهُمْ مُثِّلَتْ لَهُ كَهَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَعَلَّ صُوَرَهُمْ كَانَتْ كَذَلِكَ، أَوْ صُوَرَ أَبْدَانِهِمْ كُشِفَتْ لَهُ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ (فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ) أَيْ: نَوْعٌ (مِنَ الرِّجَالِ) ، وَقِيلَ أَيْ: خَفِيفُ اللَّحْمِ (كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ فَوَاوٍ سَاكِنَةٍ وَهَمْزَةٍ وَهَاءٍ، وَيَجُوزُ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَإِدْغَامُهَا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، أَزْدُ شَنُّوَةَ بِالتَّشْدِيدِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ.
قَالَ شَارِحٌ: وَالشَّنُوءَةُ التَّبَاعُدُ مِنْ الْأَدْنَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَمِنْهُمْ أَزْدُ شَنُوءَةَ، وَهُمْ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَلَعَلَّهُمْ لُقِّبُوا بِذَلِكَ لِطَهَارَةِ نَسَبِهِمْ، وَنَظَافَةِ حَسَبِهِمْ، وَحِسْنِ سِيرَتِهِمْ وَأَدَبِهِمْ. (وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِذَا هُوَ أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ نَظِيرًا (عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ) ، قِيلَ: هُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ. (" «وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ» " - يَعْنِي نَفْسَهُ) أَيْ: يُرِيدُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ صَاحِبُكُمْ نَفْسَ ذَاتِهِ لِمَا ظَهَرَ لَهُ فِي مِرْآتِهِ، وَلَمَّا كَانَ جِبْرِيلُ مُلَازِمًا لِلْأَنْبِيَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ لَوَازِمَ الْأَنْبِيَاءِ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الْأَنْبِيَاءِ، (فَقَالَ: " «وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ» ") . بِكَسْرِ الدَّالِ، وَقَدْ يُفْتَحُ وَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ صُورَةً. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute