[١٢] بَابُ جَامِعِ الْمَنَاقِبِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٦١٩٦ - «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ، لَا أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ - أَوْ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ -» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[١٢] بَابُ جَامِعِ الْمَنَاقِبِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٦١٩٦ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) ، أَيِ ابْنِ الْخَطَّابِ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ، أَسْلَمَ مَعَ أَبِيهِ بِمَكَّةَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَشَهِدَ مَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ مِنَ الْمَشَاهِدِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالزُّهْدِ شَدِيدَ التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاطِ. قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ إِلَيْهَا مَا خَلَا عُمَرَ وَابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ. قَالَ نَافِعٌ: مَا مَاتَ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ زَادَ، وَكَانَ يَتَقَدَّمُ الْحُجَّاجَ فِي الْمَوَاقِفِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهَا إِلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ فِيهَا، وَكَانَ يَعِزُّ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَخَطَبَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا وَأَخَّرَ صَلَاةَ الْفَجْرِ أَوِ الْعَصْرِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ الشَّمْسَ لَا تَنْتَظِرُكَ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُصَيِّرَكَ الَّذِي فِي عَيْنَيْكَ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ سَفِيهٌ مُسَلَّطٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَخْفَى قَوْلَهُ ذَلِكَ عَنِ الْحَجَّاجِ وَلَمْ يُسْمِعْهُ، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ رَجُلًا فَسَمَّ زُجَّ رُمْحِهِ وَزَاحَمَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَوَضَعَ الزُّجَّ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ. وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ قَبْلَ الْوَحْيِ بِسَنَةٍ، وَمَوْتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي الْحِلِّ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْحَجَّاجِ، وَدُفِنَ بِذِي طُوًى فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. (قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ) : بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّشْبِيهِ لِلْمُلَاحَظَةِ فِي التَّعْبِيرِ (فِي يَدِي) : وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ (سَرَقَةً) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ قِطْعَةً (مِنْ حَرِيرٍ) ، أَيْ كَائِنَةً مِنْهُ (لَا أَهْوِي) : بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ لَا أَقْصِدُ (بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ) ، أَيْ تُبَلِّغُنِي إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ جَنَاحِ الطَّائِرِ وَالْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: لَا أُرِيدُ الْمَيْلَ بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا كَانَتْ مَطِيرَةً بِي وَمُبَلِّغَةً إِيَّايَ إِلَى تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَكَأَنَّهَا لِي مِثْلَ جَنَاحِ الطَّيْرِ لِلطَّائِرِ (فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ ") . قَالَ شَارِحٌ لِلْمَصَابِيحِ: تَأَوَّلَ هَذَا عَلَى أَنَّ السَّرَقَةَ كَانَتْ ذَاتَ يَدِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَبَيَاضُ السَّرَقَةِ مُنْبِئٌ عَنْ خُلُوصِهِ مِنَ الْهَوَى وَصَفَائِهِ عَنْ كَدَرِ النَّفْسِ اهـ. وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ فِي الْمَصَابِيحِ سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ بَيْضَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . قَالَ مِيرَكُ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: أَرَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلًا صَالِحًا، وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute