للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إذَا أَعْطَيْتِنِي، أَوْ مَتَى أَعْطَيْتِنِي فَقَبِلَتْ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَدْفَعْ لَهُ الْأَلْفَ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمُنَاوَلَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ: أَعْطَيْتُهُ كَذَا يَعْنِي نَاوَلْتُهُ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ، لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ التَّمْلِيكُ، فَإِذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَوْ إذَا أَعْطَيْتِنِي أَوْ مَتَى أَعْطَيْتِنِي لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ بِالشَّرْطِ لَا يَصِحُّ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُنَاوَلَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ نَاوَلْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إلَّا بِالْمُنَاوَلَةِ، كَذَلِكَ هَذَا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِينِي أَلْفًا؛ لِأَنَّ هَاهُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ مَلَّكْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْقَبُولِ، كَذَلِكَ هَذَا.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ وَلَا يُجْعَلُ بِمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ هَذَا جُعِلَ هَاهُنَا كَذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ.

قُلْنَا: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَوْلَهَا: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ، وَعَلَى إذَا أُدْخِلَ عَلَى غَيْرِ مَعْقُودٍ فَكَانَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إيجَابِهِ، وَيَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>