للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَتْ: شِئْتُ وَاحِدَةً، وَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: شِئْتُ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْطِفْ بَعْضَ الْكَلَامِ عَلَى بَعْضٍ، وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ الثَّلَاثِ، وَإِذَا قَالَتْ: شِئْتُ وَاحِدَةً، وَسَكَتَتْ، فَقَدْ أَعْرَضَتْ عَمَّا جَعَلَ إلَيْهَا، فَخَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا؛ فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، لِأَنَّ هَذَا إيقَاعٌ، وَالْإِيقَاعُ لَا يَقِفُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَبَانَتْ بِالْأُولَى، فَلَا تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ.

١٩٧ - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، ثُمَّ نَهَاهَا فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ.

وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: طَلِّقْ امْرَأَتِي ثُمَّ نَهَاهُ، ثُمَّ طَلَّقَ لَمْ يَقَعْ.

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: طَلِّقْ فَهَذَا تَوْكِيلٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ، فَكَانَ تَوْكِيلًا فَيَبْطُلُ بِالنَّهْيِ كَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهَا فَلَا تَكُونُ وَكِيلَةً، لِأَنَّهَا يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلَةً فِيمَا تَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهَا، فَصَارَ تَمْلِيكًا، وَالنَّهْيُ بَعْدَ التَّمْلِيكِ لَا يَصِحُّ.

وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ فِيمَا إذَا جَرَى لَا يُفْسَخُ، فَلَمْ يَكُنْ لِمُوجَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>