بِقَوْلِهِ: كُنْتُ جَامَعْتُهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ، يُنْكِرُ وُجُودَ شَرْطِ الْحِنْثِ فَصَارَتْ تَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُودَ شَرْطِ الْحِنْثِ، وَهُوَ يَجْحَدُ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْقِيتٌ لِلطَّلَاقِ بِوَقْتٍ، وَلَيْسَ بِيَمِينٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَلَّا يَحْلِفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ تَوْقِيتًا، وَظَاهِرُ وُجُودِ الطُّهْرِ يُوجِبُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لِلسَّنَةِ، فَصَارَ بِقَوْلِهِ: كُنْتُ جَامَعْتُهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ يَدَّعِي بُطْلَانَ طَلَاقٍ أَوْقَعَ فِي الظَّاهِرِ؛ فَلَا يُصَدَّقُ.
وَفَرْقٌ آخَرُ: أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَاقَبَ نَفْسَهُ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ، فَكَانَ مُثْبِتًا لَهُ، فَإِذَا ادَّعَى الْجِمَاعَ فَقَدْ ادَّعَى مَا يُضَادُّ عَقْدَهُ، وَادَّعَى مُوجَبَهُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ لِلسُّنَّةِ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ لَا يَقَعُ مَعَ وُجُودِ الْجِمَاعِ، فَصَارَ نَافِيًا لَهُ، وَإِذَا ادَّعَى الْجِمَاعَ فَقَدْ ادَّعَى مَا يُضَادُّ عَقْدَهُ، وَخِلَافُ مُوجَبِ عَقْدِهِ فَلَمْ يَصَدَّقْ.
وَإِنْ شِئْتَ عَبَّرْتَ بِعِبَارَةٍ تَقْرُبُ مِنْ مَعْنَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ هَاهُنَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ، وَلَمْ يَظْهَرْ وُجُودُ شَرْطِ الْحِنْثِ وَهُوَ عَدَمُ الْجِمَاعِ، فَصَارَ يَدَّعِي وَالظَّاهِرُ مَعَهُ؛ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَنَا وُجُوبُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَهُوَ وُجُودِ الطُّهْرِ، فَصَارَ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ؛ فَلَا يُصَدَّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute