وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَمْ يَقْتَدِ بِالْإِمَامِ فِيمَا تَعَيَّنَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ إمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَيَيْنِ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، فَلَمْ يَقْتَدِ بِالْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ تَعَيَّنَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَقَعْ قِرَاءَتُهُ لِلْمُؤْتَمِّ، فَصَارَ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْإِمَامُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَصَلَّى خَلْفَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا يَقْضِي، لِتَحْصُلَ لَهُ الْقِرَاءَةُ فِي إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ تَعَيَّنَ عَلَى الْإِمَامِ، فَقَدْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِهِ فِي صَلَاةٍ تَعَيَّنَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ فِيهَا، فَجُعِلَتْ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ، فَحَصَلَتْ لَهُ الْقِرَاءَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْبَاقِي.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: قُلْت لِلْقَاضِي الْإِمَامِ: فَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَاقْتَدَى بِهِ هَذَا الْمَسْبُوقُ، فَقَدْ تَعَيَّنَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْإِمَامِ هَاهُنَا، فَوَجَبَ أَلَّا تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِيمَا يَقْضِي، قَالَ: لَا رِوَايَةَ هَاهُنَا. وَأَمَّا إذَا قَرَأَ هَذَا الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَنْفَعْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ، وَسُكُوتُهُ كَقِرَاءَتِهِ وَقِرَاءَتُهُ كَسُكُوتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا حُكْمُهُ كَذَلِكَ هَاهُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute