للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ يَمْلِكُهَا: إنْ نَكَحْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَتَزَوَّجَهَا؛ حَنِثَ.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَمْلِكُهَا: إنْ نَكَحْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَأَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ وَطِئَهَا حَنِثَ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ، فَإِذَا أُطْلِقَ وَجَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى الْمُمْكِنِ الْمُتَأَتِّي فِيهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، انْصَرَفَ إلَى مَا يَحْتَاجُ مِنْهَا مِنْ الثَّمَرَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا أَطَأُ هَذَا الْبِسَاطَ، انْصَرَفَ إلَى الْوَطْءِ بِالرِّجْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَأَتِّي فِيهِ، كَذَلِكَ هَذَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِمَنْكُوحَةٍ نِكَاحًا فَاسِدًا: إنْ طَلَّقْتُكِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّلَفُّظِ بِهِ؛ إذْ هُوَ الْمُتَأَتِّي فِيهَا دُونَ الْإِيقَاعِ وَالْمُمْكِنُ الْمُتَأَتِّي فِي الْأَجْنَبِيَّةِ الْعَقْدُ، فَانْصَرَفَ إلَيْهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ عَقَدْتُ عَلَيْكِ وَتَزَوَّجْتُكِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا حَنِثَ، وَإِذَا وَطِئَهَا لَمْ يَحْنَثْ.

وَالْمُمْكِنُ الْمُتَأَتِّي فِي الزَّوْجَةِ الْوَطْءُ؛ إذْ الْمَنْكُوحَةُ لَا تُنْكَحُ ثَانِيًا، فَصَارَ كَأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْنَثْ.

وَفَرْقٌ آخَرُ: أَنَّهُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ مَنْعَ نَفْسِهِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِالشَّرْعِ، حَتَّى يَقَعَ الْمَنْعُ بِعَقْدِهِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَلَوْ صَرَفْنَا إلَى مَا يَكُونُ مَمْنُوعًا بِالشَّرْعِ لَمْ يَقَعْ الْمَنْعُ بِعَقْدِهِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِالشَّرْعِ عَنْ الْعَقْدِ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَانْصَرَفَ يَمِينُهُ إلَى الْوَطْءِ.

وَفِي الْأَجْنَبِيَّةِ مَمْنُوعٌ بِالشَّرْعِ مِنْ الْوَطْءِ، فَانْصَرَفَ إلَى الْعَقْدِ، فَكَأَنَّهُ صَرَّحَ وَقَالَ: لَا أَعْقِدُ، فَإِذَا وَطِيءَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِذَا عَقَدَ حَنِثَ، كَذَلِكَ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>