وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلُقَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَادَ مِرَارًا ثَالِثًا وَرَابِعًا.
وَالْفَرْقُ أَنَّ " كُلَّ " حَرْفٌ يَجْمَعُ الْأَسْمَاءَ وَلَا يَجْمَعُ الْأَفْعَالَ، وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ: كُلُّ رَجُلٍ وَكُلُّ امْرَأَةٍ، وَلَا يُقَالُ: كُلُّ دَخَلَ وَكُلُّ خَرَجَ، فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالِاسْمِ لَا بِالْفِعْلِ، وَالِاسْمُ لَا يَتَكَرَّرُ، فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: كُلَّمَا؛ لِأَنَّ كُلَّمَا حَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ، وَيَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: ٥٦] أَوْجَبَ تَكْرَارَ الْوُقُوعِ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ، وَكُلَّمَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ التَّزَوُّجُ وَقَعَ الطَّلَاقُ.
٢٣٨ - عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَيَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ: طَلِّقْهَا، فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إجَازَةً لِلنِّكَاحِ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ كَانَ إجَازَةً.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ يَكُونُ مُتَارَكَةً؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا عَلَقَةٌ، وَالطَّلَاقُ يَرْفَعُ النِّكَاحَ، فَيَرْفَعُ عَلَائِقَهُ، فَقَدْ أَمَرَهُ بِمُتَارَكَةِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَكُنْ مُجِيزًا لَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: اُتْرُكْهَا أَوْ فَارِقْهَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: طَلِّقْهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، فَصَارَ الْأَمْرُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مُقْتَضِيًا لِلْإِجَازَةِ؛ إذْ لَا يُوجَدُ دُونَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَجَزْتُ النِّكَاحَ فَطَلِّقْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute