لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ لِي فَهِيَ حُرَّةٌ إلَّا خُرَاسَانِيَّةٌ ثُمَّ قَالَ: الثَّلَاثُ مِنْهُنَّ أَوْ أَرْبَعُ هُنَّ خُرَاسَانِيَّاتٌ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ لِي فَهِيَ حُرَّةٌ إلَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي وَهَذِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ: كُلُّ جَارِيَةٍ لِي لَفْظٌ عَامٌّ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي اسْتِثْنَاءُ شَخْصٍ وُجِدَ فِيهَا فِعْلٌ مِنْ جِهَتِهِ، فَقَدْ عَمَّ الْإِيجَابُ وَعُلِّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِفِعْلٍ فَمَا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَا يَحْصُلُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَبَقِينَ دَاخِلَاتٍ فِي الْيَمِينِ وَلَا يَخْرُجْنَ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِيَقِينٍ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: إلَّا خُرَاسَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقُ الِاسْتِثْنَاءَ بِفِعْلٍ، لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى فِعْلٍ لِتَصِيرَ هِيَ خُرَاسَانِيَّةً؛ لِأَنَّ الْخُرَاسَانِيَّةَ اسْمُ جِنْسٍ كَالرُّومِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ فَقَدْ اسْتَثْنَى اسْمًا مِنْ الْأَسْمَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى أَحَدُ اسْمَيْ الْبَاقِي فَقَدْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى غَيْرِ الْخُرَاسَانِيَّات، فَصَارَ الْإِيجَابُ خَاصًّا، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِيجَابِ إلَّا بِيَقِينٍ.
وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجَوَارِي لَيْسَ هُوَ الْخُرَاسَانِيَّةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُتَشَابِهًا بِغَيْرِهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ فِي الظَّاهِرِ، فَلَمْ يَكُنْ بِدَعْوَاهُ أَنَّهَا خُرَاسَانِيَّةٌ مُدَّعِيًا خِلَافَ الظَّاهِرِ فَصُدِّقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute