وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْفَى أَحَدَهُمَا نَصِيبَهُ فَطَلَبَ الْآخَرُ مَالَ الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَ مِنْهُ حِصَّتَهُ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا قَبَضَ لِلشَّرِيكِ مِنْهُ، ثُمَّ يَرْجِعَ الشَّرِيكُ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ ثَانِيًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ حِصَّتِهِ، فَثَبَتَ أَنَّ طَلَبَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ الْمُكَاتَبِ، وَبَقَاءُ الطَّلَبِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْعَبْدِ يَمْنَعُ عِتْقَهُ، كَمَا لَوْ بَقِيَ جَمِيعُ الْمَالِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا إذَا وَهَبَ مِنْهُ نَصِيبَهُ فَطَلَبَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ أَدَّى جَمِيعَ الْمَالِ.
٢٨٧ - إذَا كَاتَبَ عَلَى نِصْفِ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مِنْ نَفْسِهِ فَلِلْعَبْدِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَسَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَأَدَّى بَعْضَ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ عَجَزَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَحُسِبَ لَهُ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَسَعَى فِيمَا بَقِيَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَأَدَّى بَعْضَ مَالِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ عَجَزَ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثَانِيًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ مَا أَدَّى أَوَّلًا إلَى الْمَوْلَى.
وَالْفَرْقُ أَنْ عَجْزَهُ لَمْ يُعِدْهُ إلَى الرِّقِّ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَا يُوجِبُ إخْرَاجَهُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ بَاقٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الْعِتْقِ فِي نِصْفِهِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْجِزْ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ يَحْسُبُ لَهُ ذَلِكَ الْمَوْلَى، كَذَلِكَ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute