وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ كَمَا لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا، أَوْ هَبْ لِفُلَانٍ كَذَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ فَفَعَلَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ هَذَا.
٢٩٢ - إذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ: إذَا أُعْتِقْت فَقَدْ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مِلْكِي لِفُلَانٍ، فَمَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ، فَإِنْ أَجَازَ وَرَثَتُهُ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ، فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعُوهُ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِمَالِ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ فَأَجَازَ مَالِكُهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى الْحُرُّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَمَاتَ وَأَجَازُوا الْوَرَثَةُ، ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي بَابِ الْحُرِّ إذَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَالْعَقْدُ وَقَعَ لِنَفْسِهِ، فَأَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ فِيهِ مُسْتَفَادًا مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِي حَالِ الْوَصِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ امْتَنَعَ نَفَاذُهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ بِالْإِجَازَةِ بَقِيَ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْإِجَازَةِ، كَالْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَإِذَا أَجَازَهُ الْمَوْلَى وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ عَنْ الْعَبْدِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْإِجَازَةِ كَذَلِكَ هَذَا.
وَأَمَّا فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ عَقْدَهُ لَمْ يُوجِبْ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ مُسْتَفَادًا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَالَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى فَصَارَ ذَا هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ وَتَمْلِيكًا مُسْتَقِلًّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَإِنْ سَلَّمُوهُ جَازَ وَتَمَّ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمُوهُ بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِمْ، كَذَلِكَ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute