للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّاهِرَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ الرِّقَّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرِّقِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهِ حَقٌّ عَلَى الْغَيْرِ، الدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي رَجُلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْيَدِ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ بِهَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ، فَدَلَّ أَنَّ الظَّوَاهِرَ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا حَقٌّ عَلَى الْغَيْرِ، فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَوْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ لَأَدَّى إلَى أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالظَّاهِرِ حَقًّا عَلَى الْغَيْرِ، إمَّا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْمَالَ، أَوْ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ الْقِصَاصَ أَوْ حَدَّ الْقَذْفِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ بِخِلَافِهِ نَحْوُ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ أَنَّهُ حُرٌّ فَجَاءَ آخَرُ وَقَالَ: أَنْتَ عَبْدِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ أَنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ عَبْدًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الظَّاهِرَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فَجُعِلَ حُرًّا وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ فِي نَظَائِرِهِ.

٣٣١ - إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ، فَزُكُّوا ثُمَّ رُجِمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا؛ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا ضَمَانَ.

وَلَوْ شَهِدُوا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ حُدُّوا.

وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ عَبْدًا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَهَادَةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شَهَادَةَ لَهُ، فَصَارَ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَذْفًا، فَقَدْ قَذَفُوا وَمَاتَ الْمَقْذُوفُ فَسَقَطَ عَنْهُمْ الْحَدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>