للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدَّ وَوَطْءٍ غَيْرِ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَنْ يُشِيرَ إلَى وَطْءٍ حَرَامٍ فَصَارَ كَالنَّاطِقِ إذَا قَالَ: وَطِئْتُ حَرَامًا، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، كَذَا هُنَا، وَلِأَنَّ إشَارَتَهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ، وَمَا أُقِيمَ مَقَامَ الْغَيْرِ لَا يُوجَبُ إثْبَاتُ الزِّنَا بِهِ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْإِنْكَارِ وَإِنْكَارُهُ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَيْرِ فَلَوْ اسْتَوْفَيْنَا الْحَدَّ لَاسْتَوْفَيْنَاهُ بِإِنْكَارٍ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَيْرِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يَسْمَعُ مَا يَشْهَدُونَ بِهِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْغَائِبِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَوْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ لَادَّعَى شُبْهَةً، وَعَجْزُهُ عَنْ الْكَلَامِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً وَحَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرُهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَيَحْتَالُ فِي إبْطَالِهِ بِدَلِيلِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْخَرَسَ صَارَ شُبْهَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْقِصَاصُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَلَا يَحْتَالُ فِي إبْطَالِهِ وَإِسْقَاطِهِ، وَلَا يَبْطُلُ بِالشُّبْهَةِ الْمُمْكِنَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْقِصَاصِ، ثُمَّ رَجَعَ لَا يَبْطُلُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ الْحَدُّ فَافْتَرَقَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. .

٣٤١ - إذَا زَنَى الْإِمَامُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إمَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَتَلَ إنْسَانًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا زَنَى فَقَدْ فَسَقَ، فَانْعَزَلَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَقَدْ زَنَى وَلَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَنْعَزِلُ وَلَكِنْ يُعْزَلُ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا الْحَدَّ عَلَيْهِ لَأَوْجَبْنَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِأَنَّ الْحُدُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>