الْكَلَامِ لِلْبَدَلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: زَنَى بِكِ فُلَانٌ بِنَاقَةٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ دَفَعَهَا إلَيْكِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِبَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ فِعْلَ الْجِمَاعِ إلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَلَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُ الْجِمَاعِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَصَارَ إدْخَالُ الْبَاءِ لِلْمُشَارَكَةِ لَا لِلْبَدَلِ؛ إذْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْكَلَامِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: جَامَعَكِ بَعِيرٌ أَوْ ثَوْرٌ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ، كَذَلِكَ هَذَا.
٣٤٥ - إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَذَفَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ.
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَيْعِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ قُبِلَتْ وَحُكِمَ بِالْبَيْعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ حِكَايَةٌ، وَفِي الْحِكَايَةِ مَعْنَى ابْتِدَاءِ الْقَذْفِ، فَلَوْ جَمَعْنَا لَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِالْمَعْنَى، وَإِيجَابُ الْحَدِّ بِالْمَعْنَى لَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَطِئْتُ وَطْئًا حَرَامًا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي بَابِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ فِي حِكَايَةِ الْبَيْعِ مَعْنَى الِابْتِدَاءِ، فَلَوْ جَمَعْنَا لَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِالْمَعْنَى وَإِيجَابُ الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى دُونَ صَرِيحِ لَفْظِهِ جَائِزٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَلَكْتُكَ بِكَذَا دِرْهَمًا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قُلْنَا: أَنْ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَذَفَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالْآخَرُ بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا.
وَفَرْقٌ آخَرُ: أَنَّ لَفْظَ الْإِخْبَارِ وَالِابْتِدَاءِ لَا يَخْتَلِفُ فِي بَابِ الْبَيْعِ بِدَلِيلِ أَنَّكَ تَقُولُ فِي الْإِخْبَارِ: بِعْتُ، وَفِي الِابْتِدَاءِ أَيْضًا يَقُولُ: بِعْتُ، فَيَجُوزُ أَنَّهُمَا سُمِعَا مَعًا فَحُمِلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَمْ يَبِنْ اخْتِلَافُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute