وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا وَقَعَ النَّفِيرُ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ تَعَيَّنَ وَافْتُرِضَ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالْقِيَامُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ فَالِاشْتِغَالُ بِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ آكَدُ فَكَانَ أَوْلَى، أَوْ نَقُولُ: فَعَدَمُ إذْنِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ الْمُتَعَيَّنَ كَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا سَائِرُ الْأَسْفَارِ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْهَا التَّلَفَ وَهُوَ لَمْ يُضَيِّعْ الْأَبَوَيْنِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يُلْحِقْ بِهِمَا ضَرَرًا بِالْخَوْفِ عَلَى رُوحِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ، وَلِهَذَا قُلْنَا: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ مِنْهُ.
٣٩١ - رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ يُرِيدُ الْغَارَةَ، فَكَمَنْ فِي مَكَانٌ يَنْوِي فِيهِ مُقَامَ شَهْرٍ فَهُوَ مُسَافِرٌ. وَإِنْ اسْتَوْطَنَ مُسْلِمٌ مَدِينَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاِتَّخَذَهَا مَنْزِلًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ لِلْغَارَةِ فَهُوَ مُسَافِرٌ، وَإِقَامَتُهُ فِي الْكَمِينِ إقَامَةٌ لِانْتِظَارِ الْكُفَّارِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ، فَصَارَ كَالْمُسَافِرِ يُقِيمُ فِي بَلَدٍ أَيَّامًا مُنْتَظِرًا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ ذَلِكَ السَّفَرِ كَذَا هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا اسْتَوْطَنَ بَلَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ فِيهَا قَبْلَ الطَّلَبِ، فَإِذَا اخْتَفَى فَهُوَ بَاقٍ عَلَى إقَامَتِهِ لِانْتِظَارِ حَاجَتِهِ، فَصَارَ كَمُقِيمٍ فِي بَلَدِهِ يَنْتَظِرُ قَضَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute