وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَيَقَّنَّا بِإِبَاحَةِ سَبْيِ أَهْلِ الْحِصْنِ وَشَكَكْنَا فِي الْحَظْرِ فَلَا نَدَعُ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ؛ كَمُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَسِعَ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ عَلِمُوا بِأَنَّ فِيهِمْ الْمُسْلِمَ كَذَلِكَ هَذَا.
٣٩٧ - رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَتَلُوا، وَغَنِمُوا ذَلِكَ الْعَبْدَ فَهُوَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَأْخُذُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ.
وَلَوْ لَحِقَ مُرْتَدٌّ بِالدَّارِ ثُمَّ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مُسْلِمٍ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَأَخَذُوهُ مِنْهُ فَإِنْ وَجَدَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا غُصِبَ قَبْلَ اللُّحُوقِ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَيَدُ الْإِمَامِ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِلُحُوقِهِ بِالدَّارِ، كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا مِنْهُ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ عَنْهُ بِاللُّحُوقِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ صَاحِبِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَزَلْ مِلْكَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا غَصَبَهُ بَعْدَ اللُّحُوقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا، فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَلَا الرَّدُّ عَلَيْهِ، فَصَارَ هَذَا كَافِرًا أَحْرَزَ مَالَ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَلَكَهُ، فَكَانَ مَالِكُهُ أَحَقَّ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ.
وَلِهَذَا الْمَعْنَى قُلْنَا: إنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ غَصَبَ ثُمَّ لَحِقَ بِالدَّارِ ثُمَّ غَصَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute