«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» ، فَقَدْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، وَادَّعَى الْبَرَاءَةَ فَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى دَعْوَى الْبَرَاءَةِ وَغَرِمَ، كَمَا لَوْ قَالَ: " هَدَمْت جِدَارَك بِإِذْنِك، وَمَزَّقْت ثَوْبَك بِإِذْنِك.
٤٤٧ - إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمَئُونَةٌ مِثْلُ الرَّحَى وَغَيْرِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَكَذَلِكَ مَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمَئُونَةٌ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُكْرِي دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ يَدَ الْمُسْتَعِيرِ يَدٌ لِنَفْسِهِ، بِدَلِيلِ مَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ مَئُونَةَ الرَّدِّ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ، فَجَازَ أَنْ تَلْزَمَهُ، الْمَئُونَةُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدٌ لِلْمُكْرِي، بِدَلِيلِ مَا بَيَّنَّا فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ فِيمَا يَرُدُّ لَجَعَلْنَا لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، فَمِنْ حَيْثُ يَرُدُّ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْوُجُوبِ.
٤٤٨ - قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ: بَعَثْتُ الْوَدِيعَةِ إلَيْك مَعَ رَسُولِي وَسَمَّى أَجْنَبِيًّا فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُقِرَّ الْمُعِيرُ بِوُصُولِهَا إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ، وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْإِمْسَاكَ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْهُ، وَالْإِعَارَةُ نَوْعُ انْتِفَاعٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، وَانْتِفَاعُهُ وَانْتِفَاعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute