أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى قَفِيزٍ شَائِعٍ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ قَفِيزٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَجُوزُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْجَمِيعُ إلَّا قَفِيزًا فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ عَلَى قَفِيزٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الزَّيْتِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا وُجِدَ أَقَلُّ تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ فِيهِ فَانْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَانْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي بَعْضٍ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ فِي الْبَاقِي، كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ وَبَاعَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ فِي الْعَبْدِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّوْبُ، لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الثِّيَابِ لَا يَنْعَقِدُ فِي الذِّمَّةِ، لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا مُؤَجَّلًا، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا مُؤَجَّلًا، وَيَصِيرُ سَلَمًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ فَقَدْ انْعَقَدَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ، فَقَدْ عُقِدَ عَلَى أَعْيَانٍ مَوْجُودَةٍ وَمَعْدُومَةٍ، وَالْمَعْدُومُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ فَقَدْ جَمَعَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِيهِ وَبَيْنَ مَا لَا يَصِحُّ دُخُولُهُ، وَسَمَّى ثَمَنًا وَاحِدًا فَبَطَل الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَبَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ.
٥٠٨ - إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ، ثُمَّ تَصَادَقَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ الَّذِي بَيْنَهُمَا كَانَ فَاسِدًا، أَوْ كَانَ تَلْجِئَةً، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَيْبًا دَلَّسَهُ لَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ، وَأَبَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْبَلَهُ لِمَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute