للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُ لَا يُبْتَدَأُ بِالْفَاءِ، فَصَارَ جَوَابًا لِإِيجَابِ الْمَاضِي، فَكَأَنَّهُ قَالَ: قَبِلْت فَهُوَ حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ عَتَقَ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ هُوَ حُرٌّ، لِأَنَّ هَذَا يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ إضْمَارٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ هُوَ حُرٌّ فَلَا أَشْتَرِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى إضْمَارِ الْقَوْلِ فِيهِ وَأَنَّهُ جَوَابٌ لِلْإِيجَابِ الْأَوَّلِ لَمْ يُضْمَرْ فِيهِ شَيْءٌ، فَلَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ مُضْمَرًا فِيهِ، فَبَقِيَ إعْتَاقٌ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، فَلَمْ يَجُزْ.

٥١٠ - إذَا قَالَ: " بِعْتُك هَذِهِ النَّعْجَةَ فَإِذَا هُوَ كَبْشٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ ".

وَإِذَا قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَارِيَةِ الِاسْتِخْدَامُ وَالِاسْتِمْتَاعُ وَالِاسْتِفْرَاشُ، وَأَمَّا الْمَقْصُودُ مِنْ الْغُلَامِ التَّصَرُّفُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَالتِّجَارَةُ، فَالْأَغْرَاضُ مِنْهُمَا تَتَبَاعَدُ فَصَارَ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ كَاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ، وَلَوْ سَمَّى جِنْسًا وَأَشَارَ إلَى جِنْسٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ، كَذَلِكَ هَذَا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّعْجَةُ وَالْكَبْشُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا يَتَقَارَبُ، وَهُوَ اللَّحْمُ فَلَمْ يَصِرْ كَالْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ، فَقَدْ سَمَّى جِنْسًا وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْعَقْدِ.

فَإِنْ قِيلَ الْمَقْصُودُ مِنْ النَّعْجَةِ اللَّبَنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>