للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، فَلَمْ يَصِرْ قَابِضًا إلَّا أَنْ تَصِلَ يَدُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَتْ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، فَقَدْ وُجِدَ الْقَبْضُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، فَصَارَ قَابِضًا.

٥٢٠ - وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَلَّكْتُك أَوْ أَعْطَيْتُك فَقَدْ أَتَى بِمَعْنَى الْبَيْعِ، فَصَارَ بَيْعًا، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ وَالْإِبَاحَةِ صَارَ صَدَقَةً وَإِبَاحَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ الْفَقِيرَ قِطْعَةً أَوْ يَنْتُرُ السُّكَّرَ عَلَى صَدَقَةٍ صَارَ مُبِيحًا لِمَنْ الْتَقَطَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَى الْبَقَّالِ كِسْرَةً وَأَخَذَ فَاكِهَةً صَارَ بَيْعًا، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ، وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ، كَذَلِكَ هَذَا.

وَأَمَّا فِي الْمُفَاوَضَةِ فَلَمْ يَأْتِ بِمَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ عَامٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا فَقِيهٌ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِمَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ لَمْ تَصِرْ مُفَاوَضَةً.

قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا يَأْتِي بِجَمِيعِ مَعَانِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ صَارَتْ مُفَاوَضَةً أَيْضًا، وَلَا رِوَايَةَ تَدْفَعُ هَذَا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>