طَلَبَ الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ، قَالَ الْغَرِيمُ: إنَّ الْمُوَكِّلَ أَبْرَأَنِي وَقَبَضَ الدَّيْنَ مِنِّي، وَأَرَادَ يَمِينَهٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: سَلِّمْ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ انْطَلِقْ وَاطْلُبْ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ مُوَكِّلُك قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ، فَلَا أَقْبَلُ حَتَّى يَحْلِفَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِالرَّدِّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَيَحْلِفَ، ثُمَّ يُرَدَّ عَلَيْهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ عَقْدُ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالتَّسْلِيمِ، وَلَمْ يُعْلَمْ التَّسْلِيمُ، فَقَدْ وَجَبَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلشَّفِيعِ حَالًّا، وَوَجَبَ لَهُ حَقُّ الْحَلِفِ عَلَى الْمُوَكِّلِ مُؤَجَّلًا، وَهُوَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ الْمُعَجَّلُ لِحَقِّهِ الْمُؤَجَّلِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى إنْسَانٍ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَجَّلٌ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ الْمُعَجَّلُ بِالْمُؤَجَّلِ، كَذَلِكَ هَذَا، وَكَذَلِكَ سَبَبُ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الدَّيْنِ قَدْ ظَهَرَ وَهُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِمَعْنًى آخَرَ، وَلَمْ يُعْلَمْ كَمَا بَيَّنَّا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ كَوْنُهُ جَاهِلًا بِالْعَيْبِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ، فَسَبَبُ وُجُوبِ الرَّدِّ لَمْ يَظْهَرْ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالرَّدِّ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ مَا لَمْ يَحِلَّ لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْقَبْضِ، كَذَلِكَ هَذَا.
٥٥٠ - وَإِذَا كَانَ الدَّرْبُ غَيْرَ نَافِذٍ وَفِي أَقْصَاهُ مَسْجِدُ خُطَّةٍ، بَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute