وَأَمَّا فِي بَابِ الْكَفَالَةِ فَقَدْ آثَرَ غَيْرَ الْكَفَالَةِ عَلَى الْكَفَالَةِ، وَإِيثَارُ غَيْرِ الْكَفَالَةِ لَا يُبْطِلُ الْكَفَالَةَ، كَمَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا آخَرَ، أَوْ يَبِيعَ بِدَيْنِهِ شَيْئًا.
٥٥٣ - إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ فَحَضَرَ أَحَدُهُمَا فَصَالَحَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّارِ وَيُسَلِّمَ لَهُ النِّصْفَ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ، فَيُسَلِّمَ أَوْ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَيَصِيرُ أَخْذُهُ نِصْفَ الدَّارِ شِرَاءً جَدِيدًا، وَصَارَ مُسَلِّمًا الشُّفْعَةَ فِي الْجَمِيعِ. وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ جَمِيعَ الدَّارِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الدَّارِ مِنْ يَدِهِ، وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الْأَوَّلِ وَلَا الثَّانِي. وَالْفَرْقُ أَنَّ تَبْعِيضَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ مِنْ مُوجَبِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَبْعِيضُ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يُسَلِّمَ الْجَمِيعَ، فَلَمْ يَكُنْ أَخْذُهُ لِلنِّصْفِ أَخْذًا عَلَى الشُّفْعَةِ، فَصَارَ ابْتِدَاءَ عَقْدٍ جَرَى بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّ أَحَدَ الشَّفِيعَيْنِ اشْتَرَى نِصْفَ الدَّارِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيهَا، فَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَهُوَ شَفِيعٌ لِمَا اشْتَرَى فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ نِصْفَهُ، وَلِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ نِصْفُهُ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْأَوَّلُ مُسَلَّمًا لِلشُّفْعَةِ فَأَخَذَهُ الثَّانِي. وَأَمَّا إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ الْجَمِيعَ، ثُمَّ أَخَذَهُ الثَّانِي مِنْهُ فَالتَّبْعِيضُ عَلَى الشَّفِيعِ مِنْ مُوجَبِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute