الْبَائِعُ فِي مَرَضِهِ أَلْفًا عَنْ الْمُشْتَرِي جَازَ حَطُّهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَدَلَّ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ فَصَارَ أَخْذُ الشَّفِيعِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَحَطُّهُ يَلْحَقُ عَقْدَهُ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ أَوْجَبَهُ لِوَارِثِهِ، فَكَانَتْ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ، فَلَا يَجُوزُ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ لِأَنَّ الَّذِي وَلَّاهُ الْمُشْتَرِي لَا يَأْخُذُهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ بِإِيجَابِ الْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً، وَالْبَالِغُ بِالْحَطِّ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْجَبَ الْمُرَابَحَةَ وَالْمَوْلَى ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ مُوجِبًا الْحَقَّ لِوَارِثِهِ، فَلَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ، فَجَازَ حَطُّهُ.
٥٥٦ - وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فَتَسْلِيمُهُ جَائِزٌ. وَلَوْ سَاوَمَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالشِّرَاءِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ صَرِيحًا إسْقَاطُ الْحَقِّ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسَاوَمَةُ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ فِي إبْطَالِ الشُّفْعَةِ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute