للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إبْرَاءٌ، وَالْإِبْرَاءُ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ حُقُوقِهِ وَدُيُونِهِ جَازَ، فَصَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا وَلَمْ يَأْتِ بِتَارِيخٍ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يُتَيَقَّنَ وُجُوبُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ. وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ فَحُمِلَ إقْرَارُهُ عَلَى الْخُصُوصِ، فَانْصَرَفَ إلَى مَا يَثْبُتُ كَوْنُهُ فِي يَدَيْهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، فَلَمَّا عُلِمَ كَوْنُهُ فِي يَدَيْهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ كُلِّفَ تَسْلِيمَهُ، وَإِلَّا فَلَا، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ فِي يَدِهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ كَوْنُهُ فِي يَدَيْهِ فَكُلِّفَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ.

٥٨٨ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ سَمِعَا رَجُلًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا، وَسِعَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ سَمِعَا رَجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَسَعْهُمَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يَقُولَا لَهُمَا: اشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِنَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِلْحَقِّ بِنَفْسِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْقَاضِي اجْتِهَادًا فِي قَبُولِهَا وَرَدِّهَا، وَبِدَلِيلِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>