زَيْتٌ فِي يَدِ رَجُلٍ، أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ خَطَأً أَنَّهُ عَصَرَهُ وَسَلَّاهُ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةَ كَذَلِكَ، قُضِيَ بِهَا لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ.
وَلَوْ أَنَّ شَاةً فِي يَدِ رَجُلٍ، أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا شَاتُهُ ضَحَّى بِهَا وَسَلَخَهَا فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّيْتَ مِمَّا لَا يَنْعَصِرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَهُوَ مِمَّا يُمْلَكُ بِالْعَصْرِ، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ أَوَّلُ مِلْكٍ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ قَبْلَهُ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ، فَكَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى، كَمَا قُلْنَا فِي النِّتَاجِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَسْلُوخَةُ، لِأَنَّ السَّلْخَ لَيْسَ هُوَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ، لِأَنَّ مَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ، وَسَلَخَهَا لَا يَمْلِكُهَا فَلَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَالِكٍ لَهُ، وَإِنَّمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَقَطْ، فَكَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى، كَمَا لَوْ ادَّعَيَا الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ.
وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ بِالْعَصْرِ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَوَّلِ، فَقَدْ أَثْبَتَ زَائِدًا عَلَى الِاسْمِ الْأَوَّلِ، صَارَ كَمَا لَوْ ثَبَتَ النِّتَاجُ، فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الشَّاةُ، لِأَنَّهُ بِالسَّلْخِ لَمْ يَتَجَدَّدْ اسْمٌ آخَرُ فَبَقِيَ الِاسْمُ الْأَوَّلُ، فَكَأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، فَكَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى، كَذَلِكَ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute