قَطُّ، وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ، فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ: لَمْ تَكُنْ لِي هَذِهِ الدَّارُ، وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: هِيَ لِفُلَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَكَانَتْ الدَّارُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْكَلَامَ الْمَوْصُولَ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيِّنَةِ لَمَّا قَالَ: لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ، فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِيهَا، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ لَا يُوجِبُ الْحَقَّ، فَكَأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَكُنْ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ يَدَّعِي الدَّارَ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ، لِأَنَّهُ يَقُولُ أَجْبَرَنِي ظُلْمًا، فَجَازَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا، وَالْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ يُوجِبُ الْحَقَّ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَهُ، فَاسْتَحَالَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيِّنَةِ لَمَّا قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي قَطُّ رَدَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَتَمَسَّكَ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ وَجْهٍ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ، لِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَفِيدُ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ جِهَتِهِ الْمِلْكَ وَلَا يَكُونُ لَهُ الْمِلْكُ، وَرَدُّ الْبَيِّنَةِ مِنْ جِهَةٍ يَمْنَعُ الْحُكْمَ بِالْبَيِّنَةِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِالشِّرَاءِ وَشَهِدَ شُهُودٌ بِالْهِبَةِ لَمْ تُقْبَلْ.
وَفِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ رَدَّ إقْرَارَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَتَمَسَّكَ بِهِ مِنْ وَجْهٍ، فَكَأَنَّهُ أَكْذَبَ الْمُقِرَّ مِنْ وَجْهٍ، وَقَالَ: هُوَ كَاذِبٌ فِي شَيْءٍ آخَرَ وَذَاكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute