وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَعْتَقَهُ وَأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِتْقِهِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ، وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ عَلَيْهِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ يَقَعُ عَامًّا عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ؛ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مَمْلُوكًا فِي حَقِّ آخَرَ، وَإِذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ عَامًّا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ فِي الرِّقِّ، كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْعِتْقِ عَلَى هَذَا الْمُسْتَوْدَعِ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي بَابِ الْأَمْوَالِ يَقَعُ خَاصًّا لَا عَامًّا، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مِلْكًا فِي حَقِّ وَاحِدٍ غَيْرَ مِلْكٍ فِي حَقِّ آخَرَ، فَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ.
وَلِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَا الْبَيِّنَةَ لَفَسَخْنَا الْعِتْقَ، وَالْعِتْقُ إذَا وَقَعَ لَا يُفْسَخُ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْقَضَاءُ وَقَعَ عَامًّا، وَفَسْخُ الْأَمْلَاكِ وَنَقْلُهَا جَائِزٌ، فَجَازَ أَنْ يُفْسَخَ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ.
٦١٨ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ دَارٌ ادَّعَى ابْنُ أَخِيهِ أَنَّهَا دَارُهُ وَوَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ، وَادَّعَى رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَنَّهَا دَارُهُ، وَأَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعَمِّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُقِمْ ابْنُ الْأَخِ الْبَيِّنَةَ شَاهِدَيْنِ حَتَّى مَاتَ الْعَمُّ، فَصَارَتْ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ، ثُمَّ أَقَامَ ابْنُ الْأَخِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ قَضَيْت بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute