أَنَّ الْبِيَاعَاتِ تَنْفَسِخُ إذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَصْلِ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَزَلْ كَانَتْ لَهُ فَيَكُونُ وَلَدُهَا لَهُ.
وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ الْأَصْلِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْبِيَاعَاتِ لَا تَصِحُّ إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ لِإِنْسَانٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ اسْتِحْقَاقًا مِنْ الْأَصْلِ صَارَ اسْتِحْقَاقًا فِي الْحَالِ فَصَارَ اسْتِحْقَاقًا بِالْإِقْرَارِ فِي الْحَالِ كَاسْتِحْقَاقِهَا فِي الْحَالِ بِالشِّرَاءِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا لَمْ يَتْبَعْهَا وَلَدُهَا، كَذَلِكَ هَذَا.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُجْعَلَ يَدُهُ يَدَ غَصْبٍ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ يَدُ غَصْبٍ لَمَا جَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الشَّيْءَ مِنْ فُلَانٍ وَأَنْكَرَهُ فُلَانٌ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ يَدَهُ لَمْ تَكُنْ يَدَ غَصْبٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ يَدَهُ يَدُ غَصْبٍ فَهَذِهِ جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِقْرَارُ، لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِقْرَارِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ يَدَ غَصْبٍ، إذْ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ يَدَهُ يَدَ غَصْبٍ لَجَازَ أَنْ يُقِرَّ لِغَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ يَدَهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ فِي الْأَصْلِ، فَيَكُونَ الْوَلَدُ حَادِثًا لَهُ، ثُمَّ مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute