وَالْفَرْقُ أَنَّ كَوْنَهَا مَمْلُوكَةً لِأَجْنَبِيٍّ لَا يُنَافِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ أَجَازَ ذَلِكَ النِّكَاحَ جَازَ، وَالْعَقْدُ قَدْ صَحَّ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ بِإِقْرَارِهَا لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ لَمْ يَكُنْ عَقْدًا، وَإِنَّمَا تُرِيدُ إثْبَاتَ مَعْنًى يُفْسَخُ بِهِ عَقْدٌ قَدْ صَحَّ فِي الظَّاهِرِ فَلَمْ تُصَدَّقْ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّسَبُ، لِأَنَّ كَوْنَهَا أُخْتًا لَهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، فَهِيَ تُبَيِّنُ بِقَوْلِهَا أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ عَقْدًا، فَجَازَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالِ لَوْ أَرَادَتْ إبْطَالَ عَقْدٍ قَدْ صَحَّ فِي الظَّاهِرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَسُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِي، وَإِنَّمَا غَصَبْتُهُ مِنْ فُلَانٍ، لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ صَحَّ فِي الظَّاهِرِ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ، وَالرِّقُّ طَارِئٌ بِإِقْرَارِهَا، فَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، كَالزَّوْجَيْنِ إذَا نُسِبَا.
وَفِي النَّسَبِ الْعَقْدُ قَدْ صَحَّ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ، وَالْأُخُوَّةُ طَارِئَةٌ، وَالنَّسَبُ الطَّارِئُ يُبْطِلُ النِّكَاحَ، كَالْأُخُوَّةِ الطَّارِئَةِ بِالرَّضَاعِ.
٦٤٦ - إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَهَا بِأَلْفٍ، وَقَالَ الْآمِرُ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ: إنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةٍ فَهِيَ لِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَلْفٍ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي يَمِينَ الْآمِرِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةٍ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، أَخَذَ الْمَأْمُورُ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute