وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ وَالْإِشْهَادِ، فَإِذَا فَعَلَ أَحَدَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ ضَرَرٌ جَازَ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدَيْنِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ بِعْ وَارْتَهِنْ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بَعْضَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ ضَرَرًا، فَقَدْ نَصَّ عَلَى عَدَمِ الْتِزَامِ حُكْمِهِ، فَلَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا تَامًّا، فَاشْتَرَى لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ، لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ هَذَا.
وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الرَّهْنَ صِفَةٌ لِلثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّهْنِ، لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى وَدَفَعَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا رَغِبَ الْبَائِعُ فِي مُبَايَعَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ بِالثَّمَنِ رَهْنًا لَا يَرْغَبُ فِي مُبَايَعَتِهِ، فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مَوْصُوفٍ، فَإِذَا بَاعَ بِغَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ وَأَلْحَقَ بِهِ ضَرَرًا لَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ فَبَاعَهُ بِزُيُوفٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصِفَةٍ لِلثَّمَنِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّغَبَاتِ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْبَيْعِ بِالْإِشْهَادِ وَعَدَمِ الْإِشْهَادِ، فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِثَمَنٍ مَوْصُوفٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُطْلَقٍ، وَأَمَرَهُ بِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِشْهَادُ، فَإِذَا بَاعَ فَقَدْ فَعَلَ بَعْضَ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي ذَلِكَ فَجَازَ.
٦٥٤ - إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ، فَبَاعَهُ الْآمِرُ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute