للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالْوِلَايَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بَعْدَ سُقُوطِ أَمْرِ الْآمِرِ وَيَجُوزُ، فَصَارَ كَالْأَبِ وَلِلْأَبِ أَنْ يُوَكِّلَ، كَذَلِكَ هَذَا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْأَمْرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ (مَوْتِ الْآمِرِ) وَقَدْ خَصَّهُ الْآمِرُ بِالْأَمْرِ، فَاخْتَصَّ بِهِ، وَلَمْ يَعْدُهُ، كَمَا لَوْ خَصَّهُ بِالْحِفْظِ، بِأَنْ أَوْدَعَهُ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ وَلَمْ يَعْدُهُ، كَذَلِكَ هَذَا.

٦٦١ - إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا آخَرَ، وَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي إنْ يُوَكِّلَ ثَالِثًا.

وَلَوْ دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ.

جَازَ لَهُ أَنْ يُضَارِبَ غَيْرَهُ، وَلَوْ قَالَ الثَّانِي لِلثَّالِثِ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، فَلِلثَّانِي أَنْ يُضَارِبَ الثَّالِثَ وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ يَقْتَضِي الْخُصُوصَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ، لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْحِفْظَ فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ مُطْلَقُ التَّوْكِيلِ يَقْتَضِي الْخُصُوصَ فِي قَوْلِهِ مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ زِيَادَةً مُلْحَقَةً بِالْعَقْدِ فَكَانَ لَهُ حُكْمُ أَصْلِهِ وَهُوَ الْخُصُوصُ فَلَمْ (يَتَعَدَّ إلَى) غَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَمُطْلَقُهَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْك مُضَارَبَةً.

فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَأَنْ يَسْتَأْجِرَ وَيَتَصَرَّفَ، وَقَوْلُهُ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، زِيَادَةٌ أُلْحِقَتْ بِالْعَقْدِ، فَكَانَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ حُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>