للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخَلِيطِ وُجُوبَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي، لَا بِمَا يَمْلِكُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ ضَمَانٌ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْقُدَ أَلْفًا فَنَقَدَ مِائَةً وَأَبْرَأهُ مِنْ الْبَاقِي أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يُؤَدِّي لَا بِمَا يَمْلِكُ، وَقَدْ أَدَّى الزُّيُوفَ وَالْغَلَّةَ فَرَجَعَ بِمَا أَدَّى، كَمَا لَوْ أَدَّى أَقَلَّ مِنْهُ فِي الْوَزْنِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يَمْلِكُ، لَا بِمَا يُؤَدِّي بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِيرُ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ يَمْلِكُ عَلَيْهِ بَدَلَهُ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ تِسْعمِائَةٍ وَقَبَضَ مِائَةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنَ وَهُوَ الْأَلْفُ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا يَمْلِكُ وَقَدْ مَلَكَ الْأَلْفَ بِمَا ضَمِنَ، فَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَدَّى أَقَلَّ مِنْ الْوَزْنِ.

٦٨٠ - إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ مِنْ الْمَالِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ فَهُوَ بَرِيءٌ.

وَلَوْ أَبْرَأَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ وَهَبَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْأَصِيلِ فَأَبَيَا الْقَبُولَ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ لَفْظَ الْإِبْرَاءِ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لِلتَّمْلِيكِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَادَفَ عَيْنًا لَا يُفِيدُ التَّمْلِيكَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْعَيْنِ، لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ، وَفِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الْحَقِّ بَعْدَ الْوُجُوبِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>