وَالْفَرْقُ أَنَّ دَمَ الْعَمْدِ يُوجِبُ الْمَالَ مِنْ وَجْهٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ أَحَدَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا صَالَحَ وَعَفَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْآخَرِينَ إلَى الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا وَعَفَا عَنْ بَعْضِ الدَّمِ انْتَقَلَ الْبَاقِي مَالًا، وَالْقَاتِلُ إذَا صَالَحَ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ عَنْ الدَّمِ عَلَى مَالٍ لَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَصَارَ يَتَمَلَّكُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ بِمَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْجُعْلُ فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا عَلَى مَالٍ اُعْتُبِرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ، كَالْهِبَةِ، فَقَدْ شُرِطَ الْجَنِينُ بَدَلًا عَنْ غَيْرِ مَالٍ فَجَازَ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ.
أَوْ نَقُولُ الدَّمُ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ الْعِوَضُ فِيهِ حُكْمًا، وَيَنْتَقِلَ إلَى الْمَالِ، فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، حَتَّى لَا يَجُوزَ عَلَى الْجَنِينِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ.
وَأَمَّا الْخُلْعُ فَالْبُضْعُ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَنْ الْمِلْكِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ مَالًا بِنَفْسِهِ، وَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ حُكْمًا، وَبِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْمَرِيضِ فَأَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ.
أَوْ نَقُولُ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْحَمْلِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ بِدَلَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute