وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا عِتْقٌ صَادِرٌ عَنْ إكْرَاهٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْلَا الْإِكْرَاهُ وَإِلَّا لَمَا قَدِرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ، وَالْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِعْتَاقِ فَنَفَذَ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ، لِأَنَّهُ بَيْعٌ صَادِرٌ عَنْ الْإِكْرَاهِ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْهِبَةِ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَمْلِكَهُ، وَالْمِلْكُ تَسْلِيطٌ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ، فَكَأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ مُكْرَهًا فَلَمْ يَجُزْ، وَفِي الْعِتْقِ جُعِلَ كَأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْعِتْقِ مُكْرَهًا فَأَعْتَقَ، كَذَلِكَ هَذَا.
٦٩٩ - لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ جَازَ الْبَيْعُ بِالْكُلِّ.
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِأَكْثَرَ مِنْهَا جَازَ إقْرَارُهُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَجُزْ بِالْأَلْفِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ هُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَصَارَ رَاضِيًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ، فَجَازَ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَإِذَا جَازَ فِي جُزْءٍ جَازَ فِي الْجَمِيعِ، إذْ لَوْ جَوَّزْنَا فِي بَعْضِهِ لَفَرَّقْنَا الصَّفْقَةَ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَجَازَ الْعَقْدَ فِي نِصْفِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِهِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَجَازَ إقْرَارُهُ بِهَا، وَجَوَازُ إقْرَارِهِ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يَمْنَعُ بُطْلَانَهُ فِي الْبَاقِي، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute