عَلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ، فَصَارَ مُسَلِّمًا بِاخْتِيَارِهِ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ حُصُولُ الْمِلْكِ لَهُ وَالْمِلْكُ لَا يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقَبْضِ عَلَى الْعَقْدِ، فَصَارَ إكْرَاهُهُ عَلَى الْعَقْدِ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ.
٧٠٧ - لَوْ أَكْرَهَ رَجُلَيْنِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى تَبَايَعَا وَتَقَابَضَا عَبْدًا، ثُمَّ أُكْرِهَ الْمُشْتَرِي بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى قَتَلَ الْعَبْدُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَلَكِنَّ الْبَائِعَ يُضَمِّنُ الْمُكْرَهَ قِيمَتَهُ.
وَلَوْ كَانَ أَكْرَهَهُمَا بِالْحَبْسِ عَلَى الْبَيْعِ، وَأُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَتْلِ عَمْدًا فَلِلْبَائِعِ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْتُلَ الَّذِي أَكْرَهَهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِالْحَبْسِ لَا يُوجِبُ نَقْلَ الْفِعْلِ فَلَمْ يُوجِبْ هَذَا الْفِعْلُ ضَمَانًا عَلَى الْمُكْرَهِ حَتَّى يَجِبَ لَهُ حَقُّ مِلْكٍ فِيهِ، فَلَمْ يَصِرْ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ، فَجَازَ أَنْ يَقْبِضَ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ يُوجِبُ نَقْلَ الْفِعْلِ إلَى الْمُكْرَهِ، فَقَدْ وَجَبَ لِلْمُكْرَهِ حَقُّ مِلْكٍ فِيهِ، فَصَارَ شُبْهَةً، وَالشُّبْهَةُ تَدْرَأُ الْقِصَاصَ، وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ إذَا قَتَلَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute