لِحَقِّ نَفْسِهِ وَقَدْ مَلَكَ مَا عَلَيْهِ بِالْهِبَةِ فَصَارَ كَالْمِلْكِ بِالْأَدَاءِ، وَلَوْ أَدَّى لَرَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ هَذَا.
٧٦٦ - عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلَيْنِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ الْأَلْفَ مِنْ يَدِهِ وَأَتْلَفَهُ، فَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي، فَقَضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدْفَعْ حَتَّى أَبْرَأَهُ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ مِنْ دَيْنِهِ سَلَّمَ الْأَلْفَ كُلَّهُ لِلْآخَرِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَتَيْنِ، فَقَضَى الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِنِصْفِهَا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَ دَعْوَاهُ لَا يُسَلَّمُ لِلْآخَرِ إلَّا النِّصْفُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ فِي نِصْفِ الدَّارِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَثْبَتَ الْجَمِيعَ لِنَفْسِهِ وَالْعَيْنُ ضَاقَتْ عَنْ جَمِيعِهِمَا، فَصَارَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ، فَإِذَا تَرَكَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى لَمْ يَسْتَحِقَّ الْآخَرُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَرِيمَانِ، لِأَنَّ حَقَّهُمَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، وَالذِّمَّةُ تَسَعُ الْحُقُوقَ كُلَّهَا فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَتَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهِ لَا يُسْقِطُهُ فَبَقِيَ حَقُّهُ بِكَمَالِهِ، فَإِذَا أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَقَدَرَ الْآخَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ دُيُونِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ.
وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَضَى بِنِصْفِ الدَّارِ فَقَدْ فَسَخَ عَقْدَهُ فِي بَعْضِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute