وَلِأَنَّ التَّقْبِيلَ لِلشَّهْوَةِ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ الْأَصْلَيْنِ، شَبَهَ الْجِمَاعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، وَشَبَهَ النَّظَرِ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضُ الطَّهَارَةِ، فَتَوَفَّرَ حَظُّهُ مِنْ الشَّبَهَيْنِ، فَلِشَبَهِهِ بِالْجِمَاعِ، قُلْنَا: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَلِشَبَهِهِ النَّظَرَ قُلْنَا: لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ لِيَكُونَ فِيهِ تَوْفِيرُ حَظِّهِ مِنْ الشَّبَهَيْنِ، وَكَفَّارَاتُ الْحَجِّ لَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَلَا يُحْتَالُ لِإِبْطَالِهَا فَأَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ احْتِيَاطًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ بِالدَّلَالَةِ يَغْرَمُ مَا يَغْرَمُ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُبَاشَرَةُ آكَدَ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهَا.
وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَحْتَالُ فِي عَدَمِ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ، فَجَعَلْنَا حُكْمَهُ آكَدَ فَقُلْنَا: مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالْإِنْزَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ.
٩٣ - إذَا ادَّهَنَ الْمُحْرِمُ شِقَاقَ رِجْلَيْهِ أَوْ جُرْحِهِ بِزَيْتٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ، دَاوَى جُرْحَهُ وَأَلْزَقَ عَلَيْهِ طِيبًا، فَعَلَيْهِ أَيُّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ إذَا فَعَلَ مِرَارًا، وَفِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ صَدَقَةٌ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ شِقَاقَ الرِّجْلِ لَيْسَ بِمَحَلِّ الطِّيبِ، وَالزَّيْتُ لَيْسَ بِطِيبٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُقْصَدُ هَذَا الْمَوْضِعُ بِالطِّيبِ، فَلَمْ يَكُنْ مُتَطَيِّبًا، وَصَارَ مُتَدَاوِيًا.
وَأَمَّا الطِّيبُ فِي نَفْسِهِ طَيِّبٌ فَلَا يُرَاعَى قَصْدُهُ إلَى التَّطَيُّبِ، فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute