وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا فُلَانًا عَنِّي حَجَّةً، فَإِنَّهُ يُعْطَى مِقْدَارَ نَفَقَةِ الْحَجِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ لَا يَحُجَّ بِهِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَحِجُّوا فُلَانًا، وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي كَانَ هَذَا أَيْضًا بِدَفْعِ النَّفَقَةِ لِيَصْرِفَهُ إلَى الْحَجِّ، فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِنَوْعِ نَفَقَةٍ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِإِشَارَةٍ، فَاسْتَحَقَّ النَّفَقَةَ وَبَطَلَتْ الْإِشَارَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: ادْفَعُوا إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيُنْفِقَهُ عَلَى عِيَالِهِ دُفِعَ إلَيْهِ لِيَفْعَلَ مَا شَاءَ، كَذَلِكَ هَذَا. وَأَمَّا إذَا قَالَ: عَنِّي، فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ النَّفَقَةَ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ فِي حَجِّهِ عَنْهُ وَيَعُودَ نَفْعُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَحُجَّ عَنْهُ لَمْ يَعُدْ نَفْعُهُ إلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ.
٩٨ - عَبْدٌ دَخَلَ مَكَّةَ مَعَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَإِنَّ عَلَيْهِ إذَا عَتَقَ دَمٌ لِتَرْكِ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ النَّصْرَانِيِّ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَالصَّبِيُّ إذَا دَخَلَهَا ثُمَّ بَلَغَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مُخَاطَبٌ بِالْعِبَادَاتِ، فَكَذَلِكَ يُخَاطَبُ بِالْإِحْرَامِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَزِمَهُ دَمٌ، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ إرَاقَةَ الدَّمِ فِي حَالِ الرِّقِّ فَتَأَخَّرَ إلَى وَقْتِ الْعِتْقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُخَاطَبَيْنِ بِالْعِبَادَاتِ، فَكَذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَصِيرَا جَانِيَيْنِ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الدَّمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute