للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هوانه، كلا النشأين مغلوب على دياره، مرزوء بالتشريك في وجاره، مغامر في صحراء الحياة بغير أظفاره، وألان لك فؤادي أبا لبدة هذا الذل بعد العز. وهذا الرسف في الضيق بعد المرح في السعة؛ واستأواني قيد الحديد، بعد تاج البيد. وما أسفي والله على ظفرك المقلوم، ولا على نابك المحطوم، فإني وجدت البغي ليس يدوم؛ ولست أنكر عليك شدة لم ينكرها الناس على الحضارة وهم يرون ظفرها يقطر من دم الجبل، ويرون نابها يقطر من دم الريف؛ وإنما أسفي أبا الأشبال على تلك الشخصية المتظاهرة، وتلك الروحية القاهرة؛ وعلى حضرة كأنها مجلس الحكم، ونظرة كأنها الأمر النافذ، وعلى صيحة تأتيك بالصيد مشكولاً، متهيئا من نفسه مأكولا؛ أدوات زعامة، وآلات سيادة؛ مما يهاب لأفراد البشر أحيانا. ويلقي على آحاد الرجال آنا فآنا؛ فإذا هم القامة والسادة، وإذا الأمم تأتيهم منقادة؛ وقد زادك الله عليهم رعية سلبت منها العقول، فاسترحت من الرأي وصراحته، والفكر وشجاعته، والمبدأ وصلابته؛ وكفيت سيوفا بينا هي لك، إذا هي عليك؛ وأقلاما مأجورك أسيرك، وطليقها أنت أسيره؛ أعلمت أبا الأشبال إلى أي الآجام نقلت، وفي أي الآطام اعتقلت؛ أسمعت عن أسد نجم. في هذا الأجم، وضرغامة غاب،

<<  <   >  >>