للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سحبت عليه غرورها، ولا النفوس نقلت فيه شرورها، ولا الحياة أزارته باطلها وزورها، لو شاء الله لبنى بيته بمصر على نهر فياض، وواد كله قطع الرياض، ولو شاء الله لاتخذ بيته بالشام بين الجداول المظللة، والربى المكللة والغصون المهدلة، والقطوف المذللة، ولو شاء الله جلت قدرته لرفع بيته على أنوف الجبابرة، ملوك الأعصر الغابرة، وفوق هام آلهتهم وهي ممهدة منضدة، في الغرف المشيدة، والقباب الممردة، ولكنه تعالى نظر إلى أم القرى، فرأى بها ذلا لعز سلطانه، وافتقارا إلى غناه وإحسانه، ورأى خشوعا يستأنس به الإيمان، وتجردا تسكن إليه العبادة، ورأى انفرادا يجري في معنى التوحيد، فأمر إبراهيم حواريه، وبنيه وخليله وصفيه: أن يرفع بذلك الوادي ركن بنيته، وينصب بين شعابه منار وحدانيته، بنيان قام بالضعف والقوة، ونهض على كاهل الكهولة وساعد الفتوة، واشتركت

<<  <   >  >>