مع جماعة من أتْرابي، وذلك في وقت الفواكه، فأكلْنا وشربنا، وكنتُ مولَعًا بضَرْب العُود، فقمتُ في بعض الليل، وإذا غُصْنٌ يتحرَّك عند رأسي، فأخذتُ العودَ لأضرب، فإذا بالوعد ينطِق وهو يقول:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}(١)، قال: فضرَبْتُ بالعود الأرضَ فكسَرْتُه، وصرَفتُ ما عندي من جميع الأمور التي كنتُ عليها، مما يشْغَلُ عن الله تعالى، وجاء التوفيق من الله تعالى، فكان ما سهَّل لنا من الخير، بفَضْل الله ورحمته.
وقال عبد الله: نظر أبو حنيفة إلى أبي، فقال: أدَّت أمُّه إليك الأمانة، وكان أشْبَه الناس بعبد الله.
وقيل له: يا أبا عبد الرحمن، حتى متى تكتب الحديث؟ فقال: لعلَّ الكلمةَ التي أنتفع بها ما كتبتُها بعدُ. وفي رواية: لعلَّ الكلمة التي فيها نَجَاتِي لم أسمعْها بعدُ.
وعن عيسى بن سَلَمة بن وصيف، قال: اجتمع ابن المبارك ووكِيعٌ عند شَريك، يكْتُبان عنه، وكان ابن المبارك إذا سَوَّد ورقتَه تَرَكها تجفُّ، وقام يَرْكَع، قال: وسمع ابنُ المبارك وَكيعا يُقدِّم عليّا على عثمان، فقال: يا أبا سفيان، إنك لَعَلى هذا، لا كلَّمتُك حتى ألْقَى الله عزَّ وجَلَّ.
وعن سفيان بن سعيد، أنَّه كان يقول: أحْبَبْتُ أن أكون خمسَة أيام على وتيرةِ ابن المبارك، فلم أقْدِر عليه، وأربعة أيام، فلم أقْدرْ عليه، وثلاثة أيام، فلم أقْدر عليه، ويَوْمَين، فلم أقْدِر عليه.
قال شُعيب بن حرب: وكنّا نأتِي ابنَ المبارك، فنَحْفَظُ عنه، ثم ننْظُر هل نستطيع أنْ نتعلَّق عليه بشيءٍ، فلا نقْدِر على شيء من ذلك.
وعن عمران بن موسى الطَّرَسوسيِّ، قال: جاء رجل، فسأل سفيانَ الثَّوْرِيّ عن مسألةٍ، فقال له: مِن أينَ أنتَ؟ قال: من أهلِ المشرق. قال: