أوَليس عندكم أعلمُ أهل المشرق؟ قال: ومَن هو يا أبا عبد الله؟ قال: عبد الله بن المبارك. قال: هو أعلمُ أهل المشرق؟ قال: نعم، وأهلِ المغرب.
وعن عبد الرحمن ابن أبي جَميل، قال: كنا حولَ ابن المبارك بـ "مكّة"، فقُلنا له: يا عالمَ المشرق حدِّثنا، وسفيان قريب منا، فقال: وَيْحكم، عالم المشرق والمغرب وما بينهما.
وعن سفيان بن عُيَيْنة، قال: نظرتُ في أمر الصحابة وأمر ابن المبارك، فما رأيتُ لهم عليه فضلًا إلا بصُحْبَتهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وغَزْوهم معه.
وعن أبي إسحاق الفَزَارِيّ، أنَّه كان يقول: ابنُ المبارك عندنا إمام المسلمين. وفي رواية عنه: إمام المسلمين أجمعين.
وكان أبو إسحاق هذا يُجِلُّ ابنَ المبارك، يجلِسُ بين يديه، ويُسائله، ويسْتفيد منه، مع جَلالة أبي إسحاق، وعُلُوِّ قدره.
وسأله رجل مرَّةً عن مسألة (١)، فقال: هل كتبتَ فيها إلى إمام المسلمين. يعني عبدَ الله بن المبارك.
وكان ابنُ مَهْدِيّ يقول: كان ابن المبارك أعلمَ من سفيان الثَّورِيّ. وعنه أيضًا أنَّه قال: ما رأيتُ مثلَ ابن المبارك. فقال له يحيى بن سعيد القَطَّان: ولا سفيان ولا شُعْبة؟ قال: ولا سُفيان ولا شُعْبة، كان ابنُ المبارك عالما فقيها في علمه، حافظا، زاهدا عابدا، غنيَّا، حَجَّاجا، غَزَّاء، نحويّا، شاعرا، ما رأيتُ مثلَه.
وعن عبد الله بن إدريس، كان يقول: كلُّ حديث لا يعرفُه ابن المبارك، فنحن منه بَرَاء.
وعن ابن مَهْدِيّ، أنَّه كان يقول: ما رأتْ عينايَ مثلَ أربعة: ما رأيتُ أحفظَ للحديث من الثَّورِيِّ، ولا أشدَّ تقشُّفا من شعْبة، ولا أعْقلَ من مالك بن أنس، ولا أنْصحَ للأمَّة من عبد الله بن المبارك.