للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-رحمك الله- من يشير عليك بمثل هذا؟ فبكى بكاء شديدا، حتى غشي عليه. فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين. فقال: يا ابن أم الربيع، تقتله أنت وأصحابك، وأرفق به أنا.

ثم أفاق فقال له: زدني -رحمك الله-. قلت: بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكي إليه، فكتب إليه: يا أخي! أذكرك طول سهر أهل النار في النار، مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله، فيكون آخر العهد، وانقطاع الرجاء. فلما قرأ الكتاب، طوى البلاد، حتى قدم عليه، فقال: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله.

فبكى هارون بكاء شديدا. فقال: يا أمير المؤمنين! إن العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إليه فقال: أمرني فقال له: "إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا، فافعل" (١). فبكى


(١) لم يرد بهذا اللفظ في شيء من كتب ودواوين السنة المشرفة، لكن ورد في عظم أمر الإمارة ما أخرجه مسلم "١٨٢٥" من طريق الحارث بن يزيد الحضرمي، عن ابن حجيرة الأكبر، عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثم قال: "يا با ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها". وآخرج البخاري "٧١٤٨" من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة".
وأخرج البخاري "٧١٤٧" عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك".

<<  <  ج: ص:  >  >>