الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي ذِكْرِ مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَرْسَلَ الْمُرْسَلِينَ إِلَى النَّاسِ يَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ أَرْسَلَ الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تُحَرِّضُهُمْ عَلَى تَكْذِيبِ الْمُرْسَلِينَ , وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْفِرَقِ الْهَالِكَةِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَفَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا وَيُصَدِّقُوا بِأَنَّ عِلْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَبَقَ وَنَفَذَ فِي خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ , كَيْفَ يَخْلُقُهُمْ , وَمَاذَا هُمْ عَامِلُونَ , وَإِلَى مَاذَا هُمْ صَائِرُونَ , فَكَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ , وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: ٧٠]. يَقُولُ: أَحْصَى مَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ , فَخَلَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْعِلْمِ السَّابِقِ فِيهِمْ , ثُمَّ أَرْسَلَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِمْ وَالْكِتَابِ الرُّسُلَ إِلَى بَنِي آدَمَ يَدْعُونَهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ , وَيَنْهُونَهُمْ عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَمَعْصِيَتِهِ , يَدُلُّكَ عَلَى تَصْدِيقِ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]. فَالرُّسُلُ فِي الظَّاهِرِ تَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَتَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ , ثُمَّ أَرْسَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute