للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٤٢ - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْآدَمِيُّ التَّمِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَبَّازِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: " لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَمْلِكَ عِلْمَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنْ حُكْمُ الْعَدْلِ فِي الْخَلْقِ إِنْكَارُ فِعْلِ غَيْرِهِمْ مِنَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْنَا، أَمَرَنَا بِمَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ، وَنَهَانَا عَمَّا لَا نَقْدِرُ عَلَى تَرْكِهِ وَالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلَّا بِعِصْمَتِهِ، وَأَلْزَمَنَا بِالْحَرَكَةِ بِالْمَسْأَلَةِ لَهُ الْمَعُونَةَ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ فِي إِظْهَارِ الْفَقْرِ وَالْفَاقَةِ إِلَيْهِ، وَالتَّبَرِّي مِنْ كُلِّ سَبَبٍ وَاسْتِطَاعَةٍ دُونَهُ، فَقَالَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥] قَالَ: فَخَرَجَتْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ فِي سِرِّهِمْ وَظَاهِرِهِمْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ فِيهِمْ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ مِنْهُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا قَسْرٍ وَلَا إِكْرَاهٍ وَلَا تَعَبُّدٍ وَلَا أَمْرٍ، بَلْ بِقَضَاءٍ سَابِقٍ وَمَشِيئَةٍ وَتَخَلِيَةٍ مِنْهُ لِمَنْ شَاءَ كَيْفَ شَاءَ لِمَا شَاءَ، فَلَهُ الْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، قَالَ سَهْلٌ: فَأَفْعَالُ الْخَلْقِ وَأَعَمْالُهُمْ كُلُّهَا مِنَ اللَّهِ مَشِيئَةٌ. فِيهَا مَعْنَيَانِ: فَمَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ فَاللَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَمْ يُكْرِهْهُمْ عَلَى فِعْلِهِ، بَلْ وَفَّقَهُمْ لَهُ وَأَعَانَهُمْ عَلَيْهِ، وَتَوَلَّى ذَلِكَ الْفِعْلَ مِنْهُمْ وَأَثَابَهُمْ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ شَرٍّ فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَهَى عَنْهُ، وَلَمْ يُجْبِرْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَلَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ، بَلْ أَرَادَ الْعَبْدَ بِهِ وَالتَّخْلِيَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَشَاءَ كَوْنَ ذَلِكَ قَبِيحًا فَاسِدًا لِيَكُونَ مَا نَهَى وَلَا ⦗٢٩٣⦘ يَكُونُ مَا أَمَرَ، وَيَظْهَرُ الْعِلْمُ السَّابِقُ فِيهِ، فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، فَهُوَ مِنَ اللَّهِ مَشِيئَةٌ وَمِنَ الشَّيْطَانِ تَزْيِينٌ، وَمِنَ الْعَبْدِ فِعْلٌ "

<<  <  ج: ص:  >  >>