٧ - وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ أَسَدَ بْنَ مُوسَى كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ: ⦗٢٩⦘ " اعْلَمْ أَيْ أَخِي أَنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْكِتَابِ إِلَيْكَ مَا ذَكَرَ أَهْلُ بِلَادِكَ مِنْ صَالِحِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ إِنْصَافِكَ النَّاسَ وَحُسْنِ حَالِكَ مِمَّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ , وَعَيْبِكَ لِأَهْلِ الْبِدْعَةِ , وَكَثْرَةِ ذِكْرِكَ لَهُمْ , وَطَعْنِكَ عَلَيْهِمْ , فَقَمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ , وَشَدَّ بِكَ ظَهْرَ أَهْلِ السُّنَّةِ , وَقَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِإِظْهَارِ عَيْبِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ , فَأَذَلَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ , وَصَارُوا بِبِدْعَتِهِمْ مُسْتَتِرِينَ , فَأَبْشِرْ أَيْ أَخِي بِثَوَابِ ذَلِكَ , وَاعْتَدَّ بِهِ أَفْضَلَ حَسَنَاتِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ , وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَإِحْيَاءِ سُنَّةِ رَسُولِهِ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْ سُنَّتِي كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ» وَضَمَّ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ , وَقَالَ: «أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هَذَا فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» , ⦗٣٠⦘ فَمَنْ يُدْرِكُ أَجْرَ هَذَا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ؟ وَذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ بِهَا الْإِسْلَامُ وَلِيًّا لِلَّهِ يَذُبُّ عَنْهَا , وَيَنْطِقُ بِعَلَامَاتِهَا , فَاغْتَنِمْ يَا أَخِي هَذَا الْفَضْلَ , وَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَأَوْصَاهُ وَقَالَ: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ كَذَا وَكَذَا» ⦗٣١⦘ , وَأَعْظَمَ الْقَوْلَ فِيهِ , فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ , وَادْعُ إِلَى السُّنَّةِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ أُلْفَةٌ وَجَمَاعَةٌ يَقُومُونَ مَقَامَكَ إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ؛ فَيَكُونُونَ أَئِمَّةً بَعْدَكَ , فَيَكُونُ لَكَ ثَوَابُ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا جَاءَ الْأَثَرُ , فَاعْمَلْ عَلَى بَصِيرَةٍ وَنِيَّةٍ وَحِسْبَةٍ؛ فَيَرُدَّ اللَّهُ بِكَ الْمُبْتَدِعَ الْمَفْتُونَ الزَّائِغَ الْحَائِرَ , فَتَكُونَ خَلَفًا مِنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَلْقَى اللَّهَ بِعَمَلٍ يُشْبِهُهُ , وَإِيَاكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ أَخٌ , أَوْ جَلِيسٌ , أَوْ صَاحِبٌ؛ فَإِنَّهُ جَاءَ الْأَثَرُ: ⦗٣٢⦘ مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ , وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ , وَمَنْ مَشَى إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ مَشَى فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ. وَجَاءَ: مَا مِنْ إِلَهٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَاحِبِ هَوًى " , وَقَدْ وَقَعَتِ اللَّعْنَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ , وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفًا , وَلَا عَدْلًا , وَلَا فَرِيضَةً , وَلَا تَطَوُّعًا , وَكُلَّمَا ازْدَادُوا اجْتِهَادًا وَصَوْمًا وَصَلَاةً ازْدَادُوا مِنَ اللَّهِ بُعْدًا , فَارْفُضْ مَجَالِسَهُمْ , وَأَذِلَّهُمْ , وَأَبْعِدْهُمْ كَمَا أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَئِمَّةُ الْهُدَى بَعْدَهُ