للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يسجل للإِمام البخاري في هذه المحنة أمور: منها صبره وإحتسابه. ومنها: ثباته وإصراره علي رأيه. ومنها: حكمته وحلمه.

ولم يخل الأمر من محاولات إِصلاح بين الإِمامين، ولكن هيهات وقد دخل بعض حظ النفس في هذه القضية.

كما أنها أظهرت لنا معدن إِثنين من تلاميذ البخاري الخلصين. وفيما يلي بعض أخبار هذه المحنة الأليمة التي لم تنته بخروج البخاري من "نيسابور".- رحمة الله عليه-.

قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم، سمعت ابن علي الخلدي، سمعت محمد بن يحيي يقول: قد أظهر هذا البخاري قول اللفظية واللفظية عندي شر من الجهمية (١).

وقال غنجار في "تاريخه": حدثنا خلف بن محمد بن إِسماعيل، سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف ببخارى يقول: كنا يوما عند أبي إِسحاق القيسي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد ابن إِسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإِني لم أقله. فقلت له: يا أبا عبد الله، قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول.

قال أبو عمرو الخفاف، فأتيت البخاري، فناظرته في شئ من الأحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله، ها هنا أحد يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة. فقال: يا أبا عمرو أحفظ ما أقول له: من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمدان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب.


(١) السير (١٢/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>