٢٣٩ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْجَمَّالُ، أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلَّانَ الْوَرَّاقُ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَافِعٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا يَحْيَى أَبُو سُلَيْمَانَ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ الشِّيعَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَيَنْتَقِصُونَهُمَا ⦗١٨٥⦘ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَهُمْ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ بِغَيْرِ الَّذِي هُمَا مِنْ هَذِهِ أَهْلًا لَهُ فَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّكَ تُضْمِرُ عَلَى مِثْلِ مَا تَكِلَّمُوا بِهِ مَا اجْتَرَءُوا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُضْمِرَ لَهُمَا إِلَّا الَّذِي أَتَمَنَّى عَلَيْهِ الْمُضِيَّ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَضْمَرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ أَخَوَا رَّسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ وَوَزِيرَاهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ نَهَضَ دَامِعَ الْعَيْنِ يَبْكِي وَهُوَ قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ مُتَمَكِّنًا وَهُوَ قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ يَنْظُرُ فِيهَا وَهِيَ بَيْضَاءُ حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ فَتَشَهَّدَ بِخُطْبَةٍ مُوجَزَةٍ بَلِيغَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذْكُرُونَ سَيِّدَيَّ قُرَيْشٍ وَأَبَوَيَّ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَنَا عَنْهُ مُتَنَزِّهٌ، وَمِمَّا يَقُولُونَ بَرِيءٌ وَعَلَى مَا قَالُوا مُعَاقِبٌ، لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَا يُحِبُّهُمَا إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَلَا يُبْغِضْهُمَا إِلَّا فَاجِرٌ رَدِيٌّ، صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، يَأْمُرَانِ وَيَنْهَيَانِ وَمَا يَخَافَانِ فِي مَا يَصْنَعَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شْئًا لَا يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرَأْيِهِمَا، وَرأيا، وَلَا يُحِبُّ لِحُبِّهِمَا حُبًّا، فَمَضِيَا عَلَى ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا رَاضٍ، وَالْمُسْلِمُونَ رَاضُونَ، أَمَّرَهُ رَّسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلَاةِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ وَفَوَّضُوا إِلَيْهِ الزَّكَاةَ، وَكَانَ لِذَلِكَ، وَأَعْطُوهُ الْبَيْعَةَ طَائِعِينَ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَسَرَّ ذَلِكَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ لِذَلِكَ كَارِهًا، وَدَّ لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا كَفَاهُ ذَلِكَ، وَكَانَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، أَرْأَفُهُ رَأْفَةً، وَأَتَمَّهُ وَرَعًا، وَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَإِسْلَامًا شَبَّهَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِيكَائِيلَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَإِبْرَاهِيمَ عَفُوًا وَوَقَارًا، فَسَارَ بِنَا سِيرَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَلَّى الْأَمْرَ مَنْ بَعْدَهُ عُمَرَ وَأَسْتَأْمِرَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ، وَمِنْهُمْ مِنْ كَرِهَ وَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ رَضِيَ، فَلَمْ يُفَارِقِ الدُّنْيَا حَتَّى رَضِيَهُ مَنْ كَانَ يَكْرَهُهُ وَأَقَامَ الْأَمْرَ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبِهِ يَتْبَعُ آثَارَهُمَا كَاتِّبَاعِ الْفَصِيلِ أُمَّهُ وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا بِالْمُؤْمِنِينَ وَناصِرًا لِلْمَظْلُومِينَ عَلَى الْهَالِكِينَ، لَا تَأْخُذُهُ فِي ذَلِكَ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَأَعَزَّ اللَّهُ بِإِسْلَامِهِ، وَجَعَلَ هِجْرَتَهُ لِلدَّيْنِ قِوَامًا، أَلْقَى اللَّهُ لَهُ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ رَهْبَةً، وَفِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً، شَبَّهَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِبْرِيلَ فَظًّا غَلِيظًا عَلَى الْأَعْدَاءِ وَبِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَنِقًا مُغْتَاظًا عَلَى الْكُفَّارِ الضَّرَّاءُ آثَرُ عِنْدَهُ مِنَ السَّرَّاءِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ، فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَرَزَقَنَا الْمُضِيَّ عَلَى سَبِيلِهِمَا فَإِنَّا لَا نَبْلُغُ مَبْلَغَهُمْ إِلَّا بِاتِّبَاعِ آثَارِهِمَا فَمَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبُّهُمَا وَمَنْ لَمْ يُحِبُّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، فَلَوْ أَنَّى كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي أَمْرِهِمَا قَبْلَ الْيَوْمِ لَعَاقَبْتُ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ أُعَاقِبَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ أَلَا فَمَنْ أُوتِيتُ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي، وَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute